ارتفاع نسب الطلاق بسبب الهواتف المحمولة.. والسعادة الزوجية «خارج الخدمة»

ارتفاع نسب الطلاق بسبب الهواتف المحمولة.. والسعادة الزوجية «خارج الخدمة»

رغم كثرة الفوائد التي تقدمها التكنولوجيا، فإن هناك العديد من التحديات التي تواجهنا، وربما تكون واحدة من أبرزها هي توسع دائرة مخاطر ارتفاع نسب الطلاق في المجتمعات. 

عشرات الدراسات الاجتماعية أظهرت ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الطلاق خلال العقود الأخيرة، وقد تم ربط هذا الزيادة بشكل كبير بتواجد الهواتف المحمولة والتكنولوجيا الرقمية، ما يجعل السعادة الزوجية خارج نطاق الخدمة.

هذه الأجهزة الذكية التي تتيح لنا البقاء متصلين على مدار الساعة وتعطينا الوصول الفوري إلى المعلومات والتواصل الاجتماعي، غالبًا ما تسبب انقطاعًا في التواصل الواقعي بين الزوجين وتعزلهما عن بعضهما البعض. 

ورغم تصدر مصر أعلى عدد لحالات الطلاق، إذ يتردد نحو مليون حالة سنويا على محاكم الأسرة، وتقع 240 حالة طلاق يوميا بمعدل 10 حالات طلاق كل ساعة، حسب تقرير صدر عن مركز معلومات مجلس الوزراء المصري، فإن مصر تحتل المركز الثاني بين الدول العربية من حيث نسبة الطلاق إلى إجمالي الزيجات، حيث ارتفعت نسب الطلاق خلال الخمسين عاما الأخيرة من 7% إلى 40%، ووصل عدد المطلقات إلى 3 ملايين مطلقة.

أما المركز الأول في نسب الطلاق، فكان من نصيب الكويت، فبرغم انخفاض عدد سكانها مقارنة بمصر، ارتفعت نسبة الطلاق في البلاد إلى 48% من إجمالي عدد الزيجات، حسب إحصاء نشرته وزارة العدل الكويتية. 

وفي المركز الثالث والرابع، نجد أن كلا من الأردن وقطر، قد ارتفعت بهما نسب الطلاق إلى 37.2% و37% على الترتيب. 

وقد تساوت كل من لبنان والإمارات في نسبة الطلاق، فقد ارتفعت النسبة في كل منهما إلى 34%، وتلتهما كل من السودان بنسبة وصلت إلى 30%، والعراق بنسبة 22.7%، ثم السعودية بنسبة 21.5%. 

ويلعب عدد السكان دورا واضحا في تحديد تلك النسب، إلا أن المقارنة بين أعداد حالات الطلاق، يظل مؤشرا على ما تمر به المجتمعات العربية من أزمات اجتماعية خانقة. 

ومع زيادة استخدام الهواتف المحمولة، يصبح من السهل للأفراد التشتت والانشغال بأمور أخرى في حياتهم الافتراضية، ما يؤدي إلى تجاهل الاحتياجات العاطفية والانفصال التدريجي في العلاقة الزوجية، وليس هذا فحسب، بل قد تؤدي الهواتف المحمولة أيضًا إلى زيادة الغيرة وعدم الثقة بين الزوجين، حيث يمكن للتطبيقات الاجتماعية والرسائل النصية تسهيل التواصل مع أشخاص آخرين وتشعل نيران الشك والتوتر داخل العلاقة. 

إضافة إلى ذلك، تؤثر الهواتف المحمولة بشكل ملحوظ على الحياة الجنسية بين الزوجين. 

فالانشغال المستمر بتلك الأجهزة يقوض العواطف والاندماج بين الزوجين، وبالتالي تصبح المشاعر واللحظات الرومانسية أقل بروزًا في الحياة الزوجية وبالتالي، يصبح من الضروري التحذير من ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق وعلاقتها بأجهزة الهواتف المحمولة. 

لخطورة الأمر على الأفراد والمجتمعات، تناقش "جسور بوست" المشكلة مع خبراء ومتخصصين، محاولة وضع حلول لها.

هن | هل يقع الطلاق بواسطة رسالة على الهاتف المحمول؟.. الإفتاء توضح

دراسات حديثة

تم نشر دراسة جديدة تكشف عن ارتباط مثير للانتباه بين ارتفاع معدلات الطلاق على مستوى العالم واستخدام الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي. 

أجريت هذه الدراسة من قبل مجموعة من الباحثين المرموقين في مجال العلاقات الاجتماعية والتكنولوجيا. 

تم جمع البيانات من مختلف الدول وتحليلها بشكل متقن لتحديد المعطيات والتصحيح للعوامل المؤثرة الأخرى، وبعد تحليل البيانات، تبين أن هناك صلة إحصائية قوية بين زيادة استخدام الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع معدلات الطلاق. 

تشير الدراسة إلى أن هذا الارتباط يمكن تفسيره بعدة عوامل أولاً، تعمل هذه التقنيات على تقليل مستوى التواصل الشخصي، حيث يصبح من السهل على الأزواج تجاهل المشكلات والصعوبات التي يواجهونها وعدم إيجاد حلول مناسبة.. ثانيًا، تعمل وسائل التواصل الاجتماعي على إضافة عامل الغيرة والتوتر الزائد في العلاقات العاطفية والزوجية، حيث يمكن للأفراد مراقبة شركائهم بصورة مستمرة وتسهيل الوصول إلى المعلومات التي قد تؤدي إلى شكوك ومشكلات. 

لا يعني هذا الارتباط بالضرورة أن استخدام الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي هو السبب المباشر لارتفاع معدلات الطلاق، بل يعكس فقط وجود علاقة تؤثر في الديناميكيات الزوجية.. ومن المهم أن يتم النظر إلى هذه الدراسة كإشارة للتحذير والتوعية بأهمية الحفاظ على التواصل الشخصي وإدارة الاستخدام المفرط للتكنولوجيا في العلاقات العاطفية والزوجية. 

وتعكس هذه الدراسة الحاجة الملحة لمزيد من البحوث والدراسات المستقبلية لاستكشاف وفهم هذا الارتباط بشكل أعمق وتحديد العوامل الدقيقة التي تسهم في هذه الظاهرة.. فهم هذا الارتباط يمكن أن يساعد في إرشاد الأفراد والأزواج إلى اتخاذ قرارات صحيحة وإدارة علاقاتهم العاطفية بشكل فعال في عصر التكنولوجيا الرقمية. 

بينها شواطئ ومطاعم ومدن.. مواقع يمنع فيها الهاتف الجوال | أخبار منوعات |  الجزيرة نت

كوارث يخلفها الطلاق

تعقيبًا، قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، الدكتور طه أبو حسين، إن للطلاق أثرا سلبيا على الأسرة والأطفال، هذه الخطورة تزداد بزيادة نسب الطلاق والتي من أسبابها الغيرة المفرطة والانشغال وعدم الاهتمام الملازمين للتعلق بالتكنولوجيا الحديثة أي الهواتف المحمولة، قطعًا تؤثر، وعندما يحدث الطلاق، فإنه يترك تداعيات نفسية ودراسية واجتماعية على أعضاء الأسرة المتورطين.

وعن تلك المخاطر قال في تصريحات لـ"جسور بوست"، يعاني الأبناء والشريكان المطلقان من تأثيرات نفسية سلبية قد تطول مدتها، قد يعاني الأطفال من صدمة عاطفية واضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب وضعف تحصيلهم الدراسي، وقد يشعرون بالخيانة والرفض ويصبحون أكثر عرضة للعنف أو سوء المعاملة، بالإضافة إلى ذلك، يصاب الشريكان المطلقان بالضغط النفسي والاكتئاب والشعور بالفشل وفقدان الثقة بالنفس وتدهور الصحة العقلية. 

واستطرد، يؤثر الطلاق بشكل كبير على الأداء الدراسي للأطفال والشباب، وقد يشعرون بالتوتر والتشتت وقد يكون لديهم صعوبة في التركيز على الدراسة وإكمال واجباتهم المدرسية، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور أدائهم العام وانخفاض مستوى تحصيلهم الأكاديمي، ما يؤثر على فرصهم المستقبلية وتطورهم الشخصي والمهني، فالطلاق يغير ديناميكية العلاقات الاجتماعية لأفراد الأسرة المتشابكة. 

وأتم، قد تنشأ صعوبات في التواصل والتفاهم بين المطلقين، ما يؤثر سلبًا على علاقاتهم مع الأصدقاء والأقارب المشتركين، وقد يواجه الأطفال صعوبات في بناء علاقات صحية واستقرارها مع الآخرين، متأثرين بالانفصال الأسري الذي عاشوه. 

الدكتور طه أبو حسين

نزيف اقتصادي

ارتفاع نسب الطلاق يمكن أن يسبب عدة مخاطر اقتصادية، وعن ذلك تحدث الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده بقوله، إن هذا الأمر له آثار اقتصادية سلبية كثيرة، فقد يتعين على الأزواج دفع تكاليف قانونية ومحامين لإجراءات الطلاق، وقد يتضمن ذلك النفقات المتعلقة بتقسيم الأصول والديون، وتسوية الحضانة ودعم الأطفال، أيضًا التأثير عندما يتم تقسيم الأصول والممتلكات بين الأزواج المطلقين، يحدث تأثير على الدخل المنزلي.

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، قد يؤدي ذلك إلى انخفاض الدخل المتاح لكل طرف، ما يؤثر على القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية والمصاريف المعيشية، وقد يواجه الزوجان المطلقان صعوبة في تسديد الديون والالتزامات المشتركة بعد الطلاق، ولا تزال لديهم مسؤولية مشتركة تجاه القروض والرهون العقارية والديون الأخرى، وهذا يمكن أن يؤثر على التاريخ الائتماني والقدرة على الحصول على تمويل إضافي. 

رشاد عبده: الأزمة الاقتصادية لن تنتهي قريبا لهذه الأسباب

الدكتور رشاد عبده
 

وأتم، الطلاق يمكن أن يؤثر بشكل كبير على استقرار الأسرة المالي، قد يضطر الأزواج المطلقون للتكيف مع تكاليف إضافية للعيش بشكل منفصل، مثل الإيجار والمصاريف المنزلية المزدوجة، وقد يحتاج الأطفال إلى دعم إضافي من الوالدين لتلبية حاجاتهم، وقد يتضرر التخطيط المالي والاستثمار المستقبلي نتيجة للطلاق. 

وقد يتعين على الأشخاص إعادة تقييم خططهم الاستثمارية والتقاعدية وتعديلها وفقًا للأوضاع المالية الجديدة، وبشكل عام، يعتبر الطلاق ظاهرة اجتماعية تؤثر على الجوانب الاقتصادية والمالية للأسرة. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية